* غَرِيْبَة هِي الْدُّنْيَ ا ...
سُمِّيَت دُنْيَا لِتَدَنّي مَنْزِلَتِ هَا عِنْد الْلَّه ... أَوْضَاعِه َا غَرِيْبَة ...
لَيْل يَتْبَعَه نَهَار ... حَيَاة وَمَوْت ... لِقَاء وَفِرَاق ... ضَيْق وَفَرِح ...
آَمَال و آَلِام ... بُزُوْغ وَأُفُوْل ...
مُعَادَلَة بَسِيْطَة وْمْتْساوْ يَة الْأَطْرَا ف :
( طِفْل الْأَمْس هُو شَاب الْيَوْم - هُو شَيْخ الْغَد )
قَال الْلَّه تَعَالَى :
" و اضْرِب لَهُم مَثَل الْحَيَاة الْدُّنْيَ ا كَمَاء أَنْزَلْنَ اه مِن الْسَّمَاء فَاخْتَلَط بِه نَبَات الْأَرْض
فَأَصْبَح هَشِيْما تَذْرُوْه الْرِّيَاح وَكَان الْلَّه عَلَى كُل شَيْء مُّقْتَدِر ا "
نَعَم هَذَا مَثَل هَذِه الْحَيَاة الْدُّنْيَ ا فِي سُرْعَة ذِهَابُهَا وَاضْمِحْل َالَهَا وَقَرُب فَنَائِهَا وَزَوَالِه َا ...
هَذِه الْحَيَاة الْدُّنْيَ ا لَا رَاحَة فِيْهَا وَلَا اطْمِئْنَا ن ...
وَلَا ثُبَات فِيْهَا وَلَا اسْتِقْرَا ر حَوَادِثِه َا كَثِيْرَة وَعَبَرَهَ ا غَفِيْرَة ...
دُوَل تُبْنَى و أُخْرَى تَزُوْل ... مُدُن تُعَمِّر وَأُخْرَى تُدَمِّر ...
وَمَمَالِك تُشْاد و أُخْرَى تُبَاد ...
فَرِح يَقْتُلُه تَرْح ... وَضُحَكَة تُخْرَسِهَ ا دَمْعَة ...
صَحِيْح يَسْقَم وَمَرِيض يُعَافَى ...
وَهَكَذَا تَسِيْر عَجَلَتْهَ ا لَا تَقِف لِمِيْلاد وَلَا لِغِيَاب وَلَا لَفَرِح وَلَا لِحُزْن ...
تَسِيْر حَتَّى يَأْذَن الْلَّه لَهَا بِالْفَنَا ء ...
وَلَا يَمْلِك الْنَّاس مِن هَذِه الْدُّنْيَ ا شَيْئا إِلَا بِمِقْدَار ...
نُزُوْل الْمَطَر وَنَبَات الزَّرْع وَصُوْرَتُ ه هَشِيْما ...
بِذَلِك يَنْتَهِي شَرِيْط الْحَيَاة ...
مَا بَيْن وِلَادَة وَطُفُوْلَ ة وَشَبَاب وَشَيْخُوخ َة ثُم مَوْت وَقُبِر ...
يُطْوَى سَجِّل الْإِنْسَا ن بِعُجَالَة وَكَأَنَّه َا غَمْضَة عَيْن أَو لَمْحَة بَصَر أَو وَمْضَة بَرِق ...
" اعْلَمُوْا إِنَّمَا الْحَيَاة الْدُّنْيَ ا لَعِب وَلَهْو وَزِيْنَة وَتَفَاخُر بَيْنَكُم وَتَكَاثُر فِي الْأَمْوَا ل وَالْأَوْل َاد "
سَرَاب خَادِع ... وَبَرِيق لَامِع ... وَلَكِنَّه َا سَيْف قَاطِع ... وَصَارِم سَاطِع ...
كَم أَذَاقَتْه أَسَى ... وَكَم جَرَعْت غُصَصَا ... و أَذَاقَت مَرَّضَا ...
كَم أَحْزَنْت مِن فَرَح ... وَأَبْكَت مِن مَرَح ...
وَكَبُرَت مِن صَبْو ... وَشَابَت مِن صَغِيْر ؟!
سُرُوْرُهَ ا مَشُوْب بِالْحُزْن ... وَصَفْوَهَ ا مَشُوْب بِالْكَدَر ...
خَدَّاعَة مَكَّارَة ... سَاحِرَة غَرَّارَة ...
كَم هُم فِيْهَا مِن صَغِيْر ... وَذَل فِيْهَا مِن عَزِيْز ...
وَتَرْف فِيْهَا مِن وَثِيْر ... وَفَقِيْر فِيْهَا مِن غَنِي ؟!
أَحْوَالِه َا مُتَبَدِّل َة وَشُمُوْلِ هَا مُتَغَيِّر َة ...
يَقُوْل عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَ ام
" مَالِي وَلِلْدُّن ْيَا , مَا أَنَا فِي الْدُّنْيَ ا إِلَّا كَرَاكِب اسْتَظَل تَحْت شَجَرَة ثُم رَاح وَتَرَكَهَ ا "
وَمَن وَصَايَا عِيْسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْه الْسَّلام لِأَصْحَاب ِه قَال :
( الْدُّنْيَ ا قِنْطَرَة فَاعْبُرُو ْهَا وَلَا تَعْمُرُوه َا )
وَقِيْل لِنُوْح عَلَيْه الْسَّلَام :
ــ يَا أَطْوَل الْأَنْبِي َاء عُمْرَا كَيْف رَأَيْت الْدُّنْيَ ا ؟ قَال :
" كَدَّار لَهَا بَابَان دَخَلْت مِن أَحَدِهِمَ ا وَخَرَجْت مِن الْآَخَر "
إِنَّا لَنَفْرَح بِالْأَيَّ ام نَقْطَعُهَ ا ... وَكُل يَوْم مَضَى يُدْنِي مِن الْأَجَل !!
فَإِن الْمَوْت الَّذِي تَخُطَانَا إلَى غَيْرِنَا ... سَيَتَخَطَ ّى غَيْرِنَا إِلَيْنَا فَلْنَأْخُ ذ حَذَّرَنَا ...
هُو الْمَوْت مَا مِنْه مَلَاذ وَمَهْرَب ... مَتَى حُط ذَا عَن نَعْشِه ذَاك يَرْكَب !!
دَعَوْنَا نَحُاسِب أَنْفُسَنَ ا وَنَسْتَلْ هِم الْدُّرُوس وَالْعِبَر مِمَّا فَات ...
دَعَوْنَا نَتَسَاءَل عَن يَوْمِنَا كَيْف أَمْضَيْنَ اه ؟!
وَعَن وَقْتِنَا كَيْف قَضَيْنَاه ؟!
فَإِن كَان مَافِيّة خَيْرا حَمِدْنَاه وَشُكْرِنَ ا ...
وَإِن كَان مَا فِيْه شَرا تِبْنَا إِلَيْه وَاسْتَغَف َرْنَاه ...
لِيَسْأَل كُل وَاحِد مِنَّا نَفْسَه ...
كَم صَلَاة فَجَر ضَيَّعْتَه َا أَو أَخَّرَتْه َا وَلَم أُصَلِّيَه َا إِلَا عِنْد الْذَّهَاب
إِلَى الْمَدْرَس َة أَو الْعَمَل ؟
كَم حَفِظْت مِن كِتَاب الْلَّه وَعَمِلَت بِه ؟
كَم يُوُم صَمْتِه فِي سَبِيِل الْلَّه ؟
كَم صِلَة رَحِم قُمْت بِزِيَارَت ِهَا ؟
كَم مِن غِيْبَة كُتِبَت عَلَي ؟
وَكَم نَظْرَة حَرَام سُجِّلَت عَلَي ؟
وَكَم فُرْصَة سَنَحَت لِي لَأَتُوب وَلَكِنِّي لَم أَتُب حَتَّى هَذِه الْلَّحْظَ ة ؟
كَم مَرَّة عَقَقْت وَالِدَي ونَهَّرَتِ هُما ؟
وَكَم ... وَكَم...
فَهَلْا حَاسَبْنَا أَنْفُسَنَ ا الْآَن مَادَامَت الْفُرْصَة سَانِحَة ...
وَالْسُّوْ ق مَفْتُوْحَ ة وَالْبِضَا عَة قَائِمَة ؟!!
وِقْفَة مَع حَيَاة الْإِنْسَا ن
لَو أَلْقَيْنَ ا نَظْرَة خَاطِفَة عَلَى حَيَاة الْإِنْسَا ن فِي الْدُّنْيَ ا لَرَأَيْنَ ا الْعَجَب الْعُجَاب ...
وَالْلَّه إِنِّي لَأَعْجَب كَثِيْرا مِمَّن وَهَب نَفْسِه لِلْدُّنْي َا وَنَسِي الْآَخِرَة وَكَأَنّه لَا يُؤْمِن بِهَا ...
مَع عِلْمِه بِأَن الْمَرْء لَيْس لَه إِلَّا عُمَر وَاحِد ... و أَجَل مَحْدُوْد ...
وَلَن يُعْطَى فَوْق أَجَلِه دَقِيْقَة وَاحِدَة لِيَعِيشَه َا ...
وَمَع هَذَا يُكَابِر وَيَتَكَبَر وَيُسَوِّف الْتَّوْبَ ة و يَلْهُو بِالْمَعْصِيَة
وَيَعِيْش حَيَاة مِن لَا يَمُوْت أَبَدا.